bana مشرف علي العصابة
عدد الرسائل : 276 تاريخ التسجيل : 01/09/2008
| موضوع: ليس بالمال وحده! السبت أكتوبر 25, 2008 4:56 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهلو كنت ذا مال قليل، ولكن مآربك من الدنيا أقل، ولا مطامع لك فيها، أو غايات تشدك إليها، وتسكنها في سويداء قلبك.. هل تكون حينئذ فقيرًا؟
ولو كنت فاحش الثراء، ولكن أطماعك كفرس هائج يحطم كل حواجز المنطق والمعقول.. وطموحاتك الدنيوية لا تقف عند حد، ورغبتك في جمع المزيد من المال تزداد اشتعالاً يومًا بعد يوم، فلا تطفئها قناعة، ولا يوقف تأججها حمد أو رضا، وقتها هل تكون غنيًا؟
إن المال ليس المحدد الوحيد لغنى الإنسان أو فقره.. فديننا الرائع يعلمنا أن هناك ثراءً وفقرًا لا تحكمهما المقاييس المادية، ولا يدرك معناهما الحقيقي سوى أصحاب العقول والنفوس العالية والهمم الوثابة.
فالمفلس - كما أخبرنا النبي (صلى الله علية وسلم) - هو من يلقى الله يوم القيامة، وقد أثقلت كاهله ذنوبه، وناء كتفاه بإساءاته إلى كل من أوقعهم قدرهم في طريقه، والذين يمنحهم الله حسنات هذا الرجل، ويلقى عليه أوزارهم فيكون هذا العبد المسكين هو المفلس حقًا في الآخرة الباقية مهما كان ثراؤه في الدنيا الزائلة.
والغني - كما علَّمنا (صلى الله علية وسلم) أيضًا، هو من استغنت نفسه وتعففت عما في أيدي الناس، ولم يمد عينيه إلى ما متع الله به غيره، وأخذ بأسباب الرزق الحلال، سائلاً الله البركة، مستمتعًا بنعمة القناعة وفضيلة الشكر، رغم ماله القليل، وافتقاره إلى كثير من عرض الدنيا وزخرفها.
ولا يعني ذلك أن الإسلام ضد الغنى، فالثري الذي آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق - كما قال (صلى الله علية وسلم) - هو إنسان يستحق أن يُغبط، بل يُحسد، ويكون الحسد حينئذ محمودًا مستحبًا.. ولكن المأساة الحقيقية أن يكون المال قبلة العبد، ومنتهى آماله.
كما أن الإسلام أيضًا لا يدعو أتباعه إلى «تعمد» الفقر، وطلب الفاقة، فنبيُّ هذا الدين العظيم هو من قال لصحابي جليل أراد أن يتصدق بكل ماله - داعيًا إياه إلى التصدق بجزء منه فقط - «لئن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس».
إنه دين الميزان المعتدل بين ثراء فاحش يطغى صاحبه، وفقر مدقع يلجئه إلى المسألة، ويريق ماء وجهه، دين الجسر الممتد بين النقيضين عبر الزكاة والصدقة والتراحم بين الأغنياء والفقراء، ثم هو أيضًا دين النظرة الأشمل لقضية الفقر والغنى حين يهبطهما بأمور أخرى سوى المال وحده.
فقبلة الفقير لباطن كفه وظاهرها حمدًا ورضًا لخالقه هي أبلغ، وأروع تعبير عن ثراء النفس وغنى الروح، ونظرة الغني النهمة إلى ما مزيد غيره ويده التي يمدها في الفراغ دائمًا بحثًا عن مزيد من المال هما أصدق تعبير أيضًا عن فقر النفس وفاقة الروح.منتدى دلع | |
|