سعيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بن عامر ــــــــــــــــــــــــــــــد
بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة تاريخية:
هو سعيد بن عامر الضبعى ابو محمد البصرى يقال:مولى عجيف وأخواله بنو ضبيعة.
قال عبد الله بن عمر الزهرى اخو رستة عن يحيى بن عبد الرحمن بن مهدى:لما طابت نفس سعيد بن عامر أن يحدّث وكان يحدّث الناس قلت لأبى ياأبة إن سعدي بن عامر هو ذا يحدّث الناس .قال :سعيد بن عامر يحدّث ؟ يابنى ارزمه فول حدّثنا سعيد كل يوم حديثا لأتيناه.
وقال زياد بن ايوم :ما رأيت بالبصرة مثل سعيد بن عامر
وقيل :كان مولده سنة 122 ومات سنة 208وهو ابن 86 سنة .
قليلون هم من يعرفون هذا الرجل الورع التقى الزاهد لكن ذكره لا ينبغى أن ينسى حين نذكر صحاية رسول الله:
اسلم قبيل فتح خيبر واشتهر بالزذهد والورع من يومها وأخذ مكانه بين المجاهدين فى سيبل الله فحضر الغزوات كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ما تخلف عن غزوة ولا عن مشهد.
وعندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه معاوية عن ولاية الشام نظر حوله ليختار أميرا غيره وعندما تقول ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يختار فلننظر جيداأى رجل يختار انه يبحث بدقة وحذر وصبر ويدقق فى الاختيار يختراه ورعا تقيا زاهدا فى الإمارة وفى الدنيا كلها يختراه بدقة لانه يعرف ان الأمير لو اخطأ سيكون هو أول من يسأل عنه أمام الله.
لذلك لم يجد عمر بن الخطاب رضى الله عنه سوى سعيد بن عامر رضى الله عنه للأمر فمن مثل سعيد يستطيع ان يقاوم مغريات الإمارة ومفاتن بلدة الشام فى غناها ومباهجها وقصورها ويصيح عمر بعد تفكير عميق :قد وجدته إلأى بسعيد بن عامر
ويجىء سعيد رضى الله عنه إلى عمر بن الخطاب الذى يعرض عليه ولاية حمص ةلكن سعيد يعتذر قائلا:لا تفتنى ياامير المؤمني
فيصيح عمر :والله لا أدعك أتضعون أمانتكم وخلافتكم فى عنقى ثم تتركوننى؟
وأمام تلك الكلمات الحكيمة من فم عمر بن الخطاب رضى الله عنه قبل سعيد بن عامر رضى الله عنه الإمارة كارها وخرج سعيد إلى خمص هو وزوجنه وقد كان زوراجه حديثا ولما استقر فى حمص أرادت زوجته أن تستثمر أموال فى تجارة ولقد أشارت عليه أن يشترى ما يلزمها من لباس ومتاع ثم يدخر الباقى.
فقال لها سعيد رضى الله عنه:ألا أدلك على خير من هذا؟نحن فى بلاد تجارتها رابحة وسوقها رابحة فلعنط هذا المال من يتجر لنا فيه وينميه.
قالت:فإن خسرت تجارته؟
قال سعيد: ساجعل ضمانها عليه
قالت:نعم إذن
فجرخ سعيد واشترى ضروريات حياته ثم فرق جميع المال على الفقراء والمحتاجين وتمر الأيام وزوجته تسأله عن تجارتها وأموالها فيجيبها:إنها تجارة موفقة والأرباح تنمو وتزيد.
وذات يوم تسأله ذات السؤال ولقد كان قريب له حاضرا ويعرف ماذا فعل سعيد بهذه الأموال وعندما يجيبها سعيد بنفس الاجابة السابقة ابتسم الرجل فشعرت الزوجة بالشك والريب فألحت على زوجها أن يخبرها بحقيقة الأمر فقال لها:_أنه تصدق بالمال جميعه من ذلك اليوم.
وبكت الزوجة وهى تنعى ذلك المال الذاهب بلا طائل ونظر لها سعيد ولقد كانت جميلة جدا فما زادتها الدموع الإ جمالا وبهاءا فقال لها:لقد كان لى اصحاب سبقونى إلى الله وما أحب ان أنحرف عن طريقهم ولو كانت لى الدنيا بما فيها
ولكأنه خاف ان تفتنه زوجته بجمالها فاستطرد قائلا :تعلمين أن فى الجمة من الحوار العين والخيرات الحسان ما لو أطلت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعا ولقهر نورها نورالشمسوالقمر معا فلأن أضحى بك من أجلهن أحرى وأولى من ان أضحى بهن من أجلك.
وهكذا أنهى حديثه فعلمت الزوجة أنه لا طائل من وراء بكائها ونحيبها فسكتت على الفور.
وكانت حمص فى تلك الأيام كثيرة التمرد على ولاتها ولا يعجبهم أمير ولا والى ولكن سعيد استطاع ان يأسرهم بكرمه وعطغه وحسن إدارته لشئون الرعية والعباد.
ولكن الأمر لا يكاد يخلو من الحاقدين الناقمين ويصدف أن يكون عمر بن الطاب رضى الله عنه فى زياردة لحمص فيجمع اهلها ويسألهم :ما تقولون فى سعيد؟وتقدم بعضهم يشكونه وقال قلئلهم:أشكو منه أربعا:
لايخرج غلينا حتى يتعالى النهار.
ولا يجيب أحدا بليل
وله فى الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه.
وأخرى لا حيلة لنا فيها ولكنها تضايقنا وهى ان تأخذه الغشية أى الإغماء بين الحين والحين.
وفكر عمر كثيرا وابتهل إلى الله همسا وقال اللهم إنى اعرفه من خير عبادك..اللهم لا تخيب فيه فراستى)
واستدعاه عمر ليدافع عن نفسه فقال سعيد:أما قولهم :أنى لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب إنه ليس لأهلى خادم فأنا أعجن عجينى ثم أدعه حتى يختمر ثم أخيز خبزى ثم أتوضأ للضحى ثم أخرج إليهم
وتهلل وجه عمر وقال:والثانية؟
قال سعيد :وأما قولهم:لا أجيب أحدا بليل فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب إنى جعلت النهار لهم واللي لربى
وأما قولهم :أنى لى يومين فى الشهر لا أخرج فيها فليس لى خادم يغشل ثوبى وليس لى ثياب أبدلها فأنا اغسل ثوبى ثم أنتظر حتى يجف بعد حين وفى آخر النهار أخرج إليهم
وأما قولهم :إن الغشية تأخذنى بين الحين والحين فقد شهدت مصرع خبيب الأنصارى بمكة وقد بضعت قريش لحمه وحملوه على جذعة وهو يقولون له :أتحب أن كان محمدا مكانك وأنت سليم معافى؟
فيجيبهم قائلا والله ما أحب أنى فى أهلى وولدى معى عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة
فكلما ذكرت ذلك المشهد الذى رأيته وأنا يومئذ من المشركين ثم تذكرت تركى نصرة خبيب يومها ارتجف خوفا من عذاب الله ويغشانى الذى يغشانى وانتهت كلمات سعيد وعينيه مبللة بالدموع فتمتم عمر بن الخطاب:الحمد لله الذى لم يخيب فراستى وعانقه وقبل جبهته وقيل له ذات يوم وهو يوزع عطاؤه على بيوت الفقراء :توسع بالفائض على أهلك وأصهارك فيجيب قائلاولماذا أهلى وأصهارى؟! لا لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة كلما قيل لهتوسع على نفسك وأهل بيتك فى النفقة وخذ من طيبات الحياة).
يرد قائلا:ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم :: يقول:يجمع الله عز وجل الناس ببحساب فيجىء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام فيقال لهم:قفوا للحساب. فيقولون :ما كان لنا شىء نحاسب علي فيقول الله:صدق عبادى فيدخلون الجنة قبل الناس
وعلى هذا افيمان الصادق وتلك الفطرة السليمة توفى سعيد بن عامر رضى الله عنه فى العام العشرين من الهجرة وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة بإذن الله
والسلام عليكم روحمة الله وبركاته
.
المصدر:كتاب رجال حول الرسول
للكاتب أسامة السيد عبد المجيد
منتدى موقع الاستاذ مصطفى حسنى