فتوى مصرية: زواج المسلسلات يقع شرعاً والممثلات يجمعن بين الأزواج
استنادا إلى حديث "ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ، النكاح والعتق والطلاق"
جدّد عدد من علماء الأزهر، عبر الصحف والمواقع الإلكترونية، رفض مشاهد الزواج والطلاق في المسلسلات التلفزيونية التي تنتجها الشركات المصرية، بحجة أن هذا الزواج يقع شرعا، وبذلك فإن الممثلة المتزوجة حقيقة، وتعقد قرانها تمثيلاً، تكون قد تزوجت مرتين.
وكانت فتوى شاعت في مصر قبل سنوات تحرّم عقد القران في الأعمال التلفزيونية، لكنها اختفت ثم عادت لتظهر بقوة خلال رمضان الحالي، خاصة وأن أغلب المسلسلات لا تخلو من حالة زواج واحدة على الأقل.
وتستند الفتوى إلى أن إجراءات الزواج والطلاق لا "هزل" فيها، بناء على الحديث النبوي الذي يقول: "ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ، النكاح والعتق والطلاق". وهو ما يعني عدم الاستخفاف بأي من هذه الأمور الثلاثة، وفق تقرير نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية الثلاثاء 25-9-2007.
وتخلص إلى أن ظهور ممثلة وممثل وبينهما مأذون على الشاشة، ثم عقد القران بالطريقة الشرعية، اعتماداً على العبارات المتفق عليها شرعاً، يعني أن الزواج قد تمّ بينهما. وإذا كانت الممثلة متزوجة في الحقيقة، فهي بذلك تجمع بين زوجين.
"بنية مستحبة"
وعلى الرغم من عدم صدور قرار رسمي من الأزهر باعتماد هذه الفتوى، إلا أن الشيخ فرحات السعيد المنجي، وهو أحد أعضاء لجنة الفتوى في الأزهر، اعتبر أن أهل الفن باتوا مطالبين بتجنّب هذه المشاهد، حتى لايدخلوا في مواجهة مع الجهات الدينية المختصة. وخصوصاً أنهم قادرون على كتابة ما لايتعارض مع أحكام الشرع.
ورفض المنجي التعامل مع الموقف على اعتبار أن هذه المشاهد "تمثيل في تمثيل"، مستنداً إلى الحديث المذكور أعلاه. وذهب إلى أبعد ذلك، قائلاً: "لا يصحّ لرجل أن يقول لشاب يجلس بالقرب منه "زوجتك ابنتي"، فيردّ عليه هذا الأخير بـ"قبلتُ زواجها"، ثم يقنعوننا بأنهم كانوا يمزحون".
أما عن سبب انتشار هذه الفتوى مجددا في الفترة الأخيرة، رغم أن عمر السينما المصرية يفوق المئة عام، فيعتبر المنجي أن "أمور الدين ما فيهاش ليه. ومن حق أي عالم أن يجتهد في أمر قد يجعله العرف عادياً، لكنه ليس شرعياً. وما دامت مجموعة علماء قد ارتأت أن هذا السلوك "فاسد"، فلا بدّ من أن يعلنوا ذلك، وألا يخشوا في الحق لومة لائم". كما أكد أن عدم تطبيق هذه الفتوى يحمّل القائمين على الأعمال الدرامية أوزاراً ثقيلة، وخصوصاً الممثلين والممثلات ومن يؤدّي دور "المأذون الشرعي"، وهو ليس كذلك.
ومضى يشير إلى أن البلبلة التي قد تحدثها هذه الفتوى، "أمر مستحبّ، لأنها ستجبر المؤلفين والمخرجين على تجنّب هذه المشاهد. وهو أفضل من أن تتحمّل إحدى الممثلات وزر الجمع بين زوجين. وإذا كانت عذراء، فلا يمكنها الزواج إلا بعدما يطلّقها زوجها الممثل الذي عقد قرانه عليها أمام الكاميرات".
فنانون يطلبون موقفاً من الأزهر
وتحفظ عدد من المؤلفين عن الدخول في نقاش الفتوى، والرد على علماء الأزهر، وصف بعضهم ما يحدث أنه استكمال لمحاولات محاصرة الإبداع الفني، سواء من جهات سياسة أو رقابية أو دينية.
وقال المؤلف الشاب محمد سليمان الذي يدخل سباق الدراما للمرة الأولى مع مسلسل "أولاد الليل"، إن هذه الفتوى تتردد كل فترة لكن لم يصدر من الأزهر قرار رسمي بشأنها بعد. وقال: "من المتوقع ألا يصدر هذا القرار، لأن الأزهر أكبر من أن يدخل معركة من هذا النوع، لا تضرّ ولا تنفع. وكما قبلنا أن يشرف الأزهر على المسلسلات الدينية، نرفض وبشدة أن تتعدّد مستويات الرقابة على الأعمال الاجتماعية".
وفي "أولاد الليل" الذي لم ينته تصويره بعد، يضمّ السيناريو مشهد "عقد قران" بين جمال سليمان وروجينا. لكن المؤلف يتوقع أن ضيق الوقت قد لا يسمح للمخرجة السورية رشا شربتجي بتصوير المشهد.
وأضاف: "هل تعني فتوى الأزهر أن كل فتاة قالت لوالدها في المسلسل إنه وكيلها في عقد القران، يصبح وكيلها فعلاً؟".
من جانبه، قال السينارست يوسف معاطي إنه لم يتجنّب مشهد عقد القران في الحلقة الأولى من مسلسل "يتربى في عزو" تأثراً بهذه الفتوى، فهو لم يسمع بها أساساً.
ويوضح: "الحتمية الدرامية كانت تسير في اتجاه أن يتزوج حمادة عزو حبيبته إيناس بسرعة، لدرجة أنه لم يهتمّ أين وكيف سيعقد القران". وعن الفتوى، قال إن هذه الأمور يجب ألّا تعتمد على تصريحات صحافية من بعض الشيوخ على رغم احترامنا لهم... الأزهر مطالب بالإعلان عن موقفه، ثم على صنّاع الدراما والفنانين مناقشة هذا الموقف والرد عليه، بعد دراسة القضية من جميع جوانبها